شاع تعبير (التكنولوجيا) وكثرت استعمالاته بين الناس في العالم العربي ... فقلما تخلو جريدة يومية من ذكر للتكنولوجيا او نقلها او دعوة للحصول عليها او استيعابها او تطويرها.
ويتساءل مؤلفا كتاب (معنى التكنولوجيا) السيدان : اسامة الخالدي ويوسف الشيراوي الصادر كتابهما عن مكتبة عمان عام 1997 عما تعني كلمة تكنولوجيا والتي يعربها البعض مستعملا كلمة (التقنية) كمصطلح رديف لها ؟ ومصدر الاصطلاح هو يوناني وهي كلمة مركبة من مقطعين (تكنو) وتعني الحرفة او المهنة او الفن وكلمة (لوغوس) او (لوجيا) وتعني المعرفة او العلم لذا فان الكلمة استعملت اساسا لتعني (علم المهنة) ومع مرور الوقت تطور استعمال اللفظ وأصبح استعماله ينطوي على معان كثيرة منها : طريقة صنع الاشياء والقيام بعمل معين وعلم الصناعة وعلم الماكنات والالات والمهمات العملية وليست المهمات النظرية ونسبة الى الاشخاص الماهرين .
ان القسم الاكبر من الكلام الذي يدور عن التكنولوجيا يتحدث عن منتجاتها ومن الضروري جدا ان نفرق بين المواد المصنعة والتكنولوجيا التي انتجتها عندما تقرأ اعلانا بان هذا الفيديو يشتمل على اخر ما توصلت اليه التكنولوجيا الحديثة وان هذه السيارة ذات تكنولوجيا متقدمة فيجب ان يفهم من ذلك بان التكنولوجيا الحديثة قد دخلت في صناعة السيارة او الفيديو فليست هناك مادة موجودة في الاسواق اسمها التكنولوجيا يشتريها الانسان ويكون قادرا على استعمالها .
وهدف التكنولوجيا هو التوصل الى منتجات منافسة تجاريا وتتطلب طرق صنعها السرية للحفاظ عليها لاحتكارها والحصول على المردود الاكبر من استعمالها العلم يتطلب المشاركة بالمعلومات والتكنولوجيا تحاول احتكارها بالسرية او بوسائل قانونية كالتسجيل التجاري وبراءات الاختراع مهمة العالم الاساسية اكتشاف الطبيعة وقوانيها ومهمة التكنولوجيا الاساسية هي استنباط الوسائل الكفيلة باستغلال الطبيعة باكبر كمية من الربح التجاري.
وفي ابسط صورة (يؤكد المؤلفان : الخالدي والشيراوي) على ان معنى التكنولوجيا هي : المقدرة على انتاج سلع او تقديم خدمات بصورة تنافس الطرق المتبعة واذا وجد القارئ بان هذا الجواب هو تبسيط للامر فاننا سوف نعرف التكنولوجيا بانها نظام موجه يعتمد على المعرفة والمهارة لانتاج سلعة اوتقديم خدمة ذات مردود اقتصادي.
وعندما يقال ان التكنولوجيا هي نظام او منظومة فاننا نعني بانها حتى في ابسط حالاتها تتألف من عدة عناصر وان هذه العناصر يجب ان تكون حلقات متكاملة مرتبط بعضها بالبعض الاخر وان النظام نفسه يعتمد على عمل هذه الحلقات بصورة متكاملة ومتناسقة، وهناك العنصر البشري ، وهناك الالات والادوات وهناك المواد الاولية وهناك عنصر الحاجة (التسويق) وما لم ترتبط هذه الحلقات بصورة متكاملة فلن يكون هناك نظام ولن يكون هناك سلعة ولن يتم أي تسويق.
حتى لو توفرت هذه العناصر فهي لن تكفي بمفردها لتكوين تكنولوجيا لصناعة او لخدمة ما بل ستحتاج الى عدة عناصر ثانوية لتقوم بدورها في النظام بصورة فعالة لا يكفي مثلا او يتوفر العنصر البشري منفردا معزولا عن العناصر الاخرى لكي تكون هناك تكنولوجيا لابد من التأكيد من نوعية الاشخاص وتعليمهم وتدريبهم والمحافظة على صحتهم وحمايتهم كما ان عنصر المواد الخام يعني توفر العنصر المطلوب بالسعر المناسب واستمرارية الحصول عليه من مصادره وينطبق ذلك على العناصر الاخرى.
والتكنولوجيا يجب ان تكون موجهة بصورة ديناميكية مستمرة هناك دائما هدف ماثل امام مستخدمي التكنولوجيا وهو الحصول على اكبر قدر ممكن من الارباح يترافق ذلك مع العديد من القرارات التي يجب ان تتخذ على جميع المستويات وبصورة مستمرة لتحقيق ذلك الهدف كما ان هناك القراءات المتعلقة بنوعية المنتج ومراقبة جودته وكيفية تسويقه وهناك فوق ذلك متابعة ومراقبة ادخال اية تكنولوجيا حديثة تخفض كلفة الانتاج واخيرا هناك قرارات تتعلق بالتدريب وتحسين جو العمل للعمال والعلاقات الصناعية وهي جميعها متعلقة بقرارات مرتبطة بأذواق الناس وسلوكهم.
والمردود الاقتصادي لاية تكنولوجيا هو في نهاية الامر ما يقرر ايجاد التكنولوجيا المعينة وتطويرها ومدى قوتها التنافسية مع التكنولوجيا البديلة كما ان انعدامه هوما يقود الى القضاء على التكنولوجيا وليس من الضروري ان يكون من يشتري المنتج اشخاصا ولا ان يعرض البائع هذا المنتج في السوق ففي حالات عديدة تشتري الحكومات المنتج وتحتكر شراءه ...وهذا ما نراه في تكنولوجيا الاسلحة او تكنولوجيا الفضاء.
والمهم في الامر ان يوجد في نهاية المطاف من هو قادر ومستعد لدفع ثمن هذه التكنولوجيا وفوائدها العديدة.